Monday, 16 June 2014

تلاشي



تلك الوجوه المُمتلئة بالكُره و الغل و السُلطويّة و الإجرام تُذكرها دائمًا بجنازة أبيها, كانت تحِبه كثيراً و تسعد برؤياه حين يقتحم الباب مُحدِثًا ضجة كبيرة و زئير ناتج من إحتكاك أحبالِه الصوتيه ببعضها -تلك الأحبال التي طالما حاولت تصور سُمكها و آلية عملها داخل تلك الحنجرة الصغيرة نسبياً بما تُحدثه من صوت-, مُعلناً بذلك وصولِه إلى العرين, ف يرتعش جهاز التحكُّم عن بُعد في يدها و تُغيِّر في استعجال المحطة قبل أن يراها و تصفَر وجنتاها و يهرب الدم من عروقها إلى مكان بعيد من فرط خوفها قبل أن تتدارك الأمر سريعاً و تُرتب ملابسها و تقف خوفاً و استعداداً لملاقاتِه..
ف تُغمض عيناها لترى ظلام أرحم من تلك المشاهد -وجهه لم يختلف يوماً عن بعضهم كثيراً على أى حال, فهى مُذ أتمّت تلك الفترة القصيرة من طفولتها المُبكرة و لا تكاد تذكُر ولو ذكرى سعيدة لها في وجوده حتى تتلاشى سريعاً من ذاكرتها-.

لا مفر, ف رائحة عرقهم الذي وصل لتوِّه للحلقوم يأبى أن يُفارق أنفاسها و هى تنتفض على الأسفلت بحثاً عن رشفة أُكسُجين تُحاول بها استجماع ما تبقى لديها من خلايا حيّة, لتمُر بها الى نهاية ذلك النفق الطويل هُناك حين يغرق عقلها في النوم..

قدماها و ذراعاها يتحركان تلقائياً بهمجيّة شديدة و جسدها يرتعش, لم تعُد تشعر بأعضائها, ولا حتى التناسُليّة منها.. لكن هُناك ألم حاد في.. في بعض المناطق, الكثير منها, لا تذكرها, جسدها كله يؤلمها بشدة, لا تكاد تشعر بذلك الألم, حتى تنساه في غمرة صراعها.. 

لا بأس, تنفّسي لم يتبقى إلا القليل -أو الكثير لا أعلم-, سيملُّون الآن, تنفّسي فحسب..

أحدهُم حققني بأفيون!, لكنني لا زلت هنا.. بعض الشئ..
ليتهُم يفعلوا..

أذوب.
لا أشعر بجسدي الآن,
 كُليًّا..

هيّا يا عقلي الغبي غِبْ عن الوعى, إخلُد إلى النوم, تعطّل عن العمل, إفصل تيّارك الكهربي, أنا آمرك.. هيّا, مُتْ.. 

تنفّسي فحسب..
أكثر قليلاً, سيخلد إلى النوم الآن..

تنفَّسي.....

تنفَّسي....

تنفّسي...

تنفّسِ...

تنفّ...