Friday, 6 December 2013

سمراوان



*فهى, و لو تدري أنها إن إقتحمتني لترى ما بداخلي, ستُصعق من اثر صدمتها مِمّا ستراه*.

-تلك الوديان الشاسعة التي تتوه فيها حين تسمع كلماتي الغير مفهومة, ليست فقط من تأثير زلزلتي بخمر جمالها كما إعتدت أن أُخبرها, إنما هى جروح عميقة لا تفتأ أن تنطق شفتاى بإحداها حتى تطالُها الأُخرى لتُزاحمها على الخروج من فمي قبلها; فتخرج كلماتي المُبعثرة كحبات رمال أثناء عاصفة تكادُ تختلعُ جذور حُبها من بين أوردة قلبي, بيد أنه يأبى و يقاوم كُل المحاولات البائسة, اليائسة لإقتلاعُه. 

-ذلك الصوت الذي يبدو مُفزعاً الذي تُصدره حنجرتي حين أغار عليها, إنما يصدر من ثنايا أحبال صوتية تعزف ألحان ولعها بتلك الأنسجة خمرية اللون التي تكسو عظامها المُلوتوية. -لا أعلم إن كانت عظاماً-.

-صمتي العميق الذي أذوب فيه حين أُصغي لأدق حروف كلماتها, حين تطالبني بالرد.. فأُطالبها بالإسترسال في الكلام, ليس إستغفالاً مني لحكاياتها; بل رغبة مني في الإستمتاع بذلك الدفء الذي تبعثُه تلك النبرات في خلايا جسدي الباردة.

-بطولاتي المُزيّفة التي أُحرك خيوطها بأناملي على مسرح عرائس الماريونيت, لم أكن أنتوي بها أن أن أجلعها إحدى تلك العرائس.. أنا فقط أردت أن تُحرّكهم معي, و لم أتمنى أن يحضُر جمهوراً لذلك المسرح, أنا و هى فقط.

-باريس. التي أحكي لها عن جمالها دائماً, لم تكن أضواءها كاملة يومًا دون وجودها في مكان ما هناك, و قد إلتفّا ذراعيها حول عنقي لتُمرر ببرودة أصابعها شُحنات التيار التي تُنير تلك الأضواء عبر فقرات ظهري.

-عيناها, التي تنعكس أضواء ليل باريس منها بكُل ألوانها. ولا تنعكس على عيناى بلون مُحدد, حين سألتني عن لونها, أجبت مُسرعاً:- سمراوان, فتعجبت: كيف!. بادرتها:- تعكسا ضوء الشمس بقوة حين يقع عليهما فأراهما سمراوان, لم أكُن أعرف لونها -ولم أستطع تحديده بعد-.

-غياباتي المُستمرّه, التي دائماً ما أُبررها بورقة الظروف الطارئة -لم يكُن لديّ حل آخر-. غير أني لم أعرف بعد ماهية تلك "الظروف" التي يُمكن أن تُجبرني على الغياب عنها, يا لكذباتي البيضاء, إعفاءات مؤقته من إستخدامها لورقة عقابي!
كانت مُعظمها غيابات خوف. خوف من ماضِ يلاحقني أينما ذهبت بهويّة وجودها الجديدة داخلي -بديلة لتلك التي فقدتها في ذلك اليوم البذئ-. خوف من حنين ليوم كُنت فيه أحلم ببطولة روايتها. خوف من مواجهة نفسي أمامها بحقيقة فقدي لجزء كبير من أحلامي, أو فُقداني لقُدرتي على إصطناع الأحلام ..

لكنّني أظلُ دوماً خائفاً, حتى في غيابي.. فلماذا أغيب؟ ولماذا أعود؟
يوماً ما, سأجد تلك الإجابة..

No comments:

Post a Comment